لقد قمنا بإجراء تجربة في غاية البساطة مستخدمين زجاجة مثقوبة من الأسفل؛ وكانت تتضمن التجربة ملء الزجاجة مع سد الثقب ووضع علامة لتحديد مستوى الماء كل عشر ثوان؛ فلاحظنا تقارب العلامات عند نهاية السيلان (أي إن سرعة السقوط تقل عما كانت عليه في البداية)؛ هل بإمكاني الحصول على التفسير العلمي لهذه الظاهرة؟ فأنا لدي فكرة مبهمة عن ضغط وزن الهواء على الزجاجة؛ علاوة على أن أسئلة التلاميذ قد أدخلت الشك إلى نفسي، فهل سنحصل على نفس النتائج عند استخدام زجاجة أضخم (مثل قاروره غاز سعتها ٥ لتر) ومملوءة بلتر من الماء مثلها مثل الزجاجة الصغيرة؟ هل بإمكانكم أن توضحوا لي كل ما يتعلق بالضغط داخل الزجاجة سواء كانت مملوءة بالماء أو لا؟ ولقد لاحظت إحدى التلميذات أن الماء يسيل أسرع عند فتح الزجاجة؛ فهل هناك تجربة لإثبات نظريتها؟ (أرجو أن تصفوها لي حتى وإن لم يكن من الممكن إجراؤها مع تلاميذ الصف السادس الابتدائي). وأنا في انتظار إجابتكم بفارغ الصبر فإنني لا أود أن أبدو بلهاء في نظر التلاميذ.
إن الضغط الذي يؤثر في الثقب والمسبب لسيلان الماء يتناسب مباشرة مع الفرق في الارتفاع بين مستوى الماء والثقب نفسه؛ وأنا اتناول هنا الحالة التي تكون فيها الزجاجة مفتوحة والتي تعد أكثر سهولة في وصفها؛ وبالتالي تقل القوة التي تدفع بالماء عبر الثقب عندما يقل الفرق في الارتفاع وتنخفض سرعة السيلان؛ ولمدة محددة (١٠ ثوان كما هو مذكور في الحالة المعروضة) يتم إفراغ كمية أقل من الماء عند اقتراب مستوى الماء من الثقب وينخفض إذا مستوى الماء بشكل أبطأ؛ وتكون النتيجة تقارب العلامات (على الأقل في حالة زجاجة اسطوانية الشكل)؛ وستكون النتيجة مشابهة في حالة استخدام زجاجة أكبر، فسوف تقل المسافة بين العلامات مع انخفاض مستوى الماء؛ ولكن ستتوقف قيمة المسافات المطلقة على عدة مؤشرات وخاصة حجم الثقب وقطر الزجاجة؛ فكلما صغر الثقب (يسيل الماء ببطء) أو كلما كبر قطر الزجاجة (أي يوجد كمية أكبر من الماء) كلما ضاقت المسافة بين العلامات؛ أما فيما يتعلق بالنقطة الأخيرة، فمن الطبيعي أن يسيل الماء بشكل أبطأ عند سد الزجاجة من الأعلى، لأن ضغط الهواء على الماء داخل الزجاجة ينخفض مع انخفاض مستوى الماء، نفس الكمية من الهواء ولكن مع زيادة في الحجم الذي ينبغي ملؤه! في حالة الزجاجة المفتوحة، يتمكن الهواء من الدخول ويصبح ضغط الهواء في الداخل والخارج متساويين وبالتالي يتعادلان؛ ولكن في حالة الزجاجة المغلقة يكون ضغط الهواء بالخارج أعلى من ضغط الهواء بالداخل "فيحد" الجو من السيلان، مما يشبه تأثير منفذ الهواء إلى حد ما؛ أما بالنسبة للتجربة فأظن أن تلميذتك قد سبق أو أن وجدت التجربة المناسبة!
يجب في بادئ الأمر تحديد شئ: هل الزجاجة المثقوبة من الأسفل مفتوحة من الأعلى أو لا؟ فعلى هذا يترتب كل ما يلي.
حقيقة سيسيل الماء أسرع إذا فتحنا الزجاجة من الأعلى؛ والسبب في ذلك هو ضرورة استبدال الهواء بالسائل الذي يخرج ؛ فإذا لم نقم بعمل ثقبٍ أعلى الزجاجة فإن الهواء سيدخل من الثقب الموجود بأسفلها فيمنع الماء من السيلان؛ فنحصل على سيلان "مرتج" بما أن الماء يسيل بالتناوب مع الهواء الذي يدخل؛ أما إذا قمنا بعمل ثقبٍ بأعلى الزجاجة فسوف يدخل الهواء من الأعلى ويسيل الماء من الأسفل بطريقة متصلة وبالتالي بشكل أسرع؛ أما فيما يتعلق بسرعة السيلان، فإن سرعة الماء تتوقف على ضغط الماء على جانبي الثقب؛ من الخارج يكون ضغط الهواء وبالتالي يكون ثابتا (على مدار التجربة)؛ أما من الداخل فإن ضغط الماء لا يتوقف إلا على ارتفاع عمود الماء، وبالتالي عندما تفرغ الزجاجة، ينخفض ارتفاع الماء وكذلك ضغط الماء داخل الثقب؛ فتقل سرعة السيلان وكذلك "التفريغ" مما يؤدي إلى تقارب التدريج بتجربة المعلم؛ ويتم الحصول على نفس النتيجة باستخدام زجاجة سعتها ٥ لتر؛ وإليك تجربة مثيرة للاهتمام تتمثل في إفراغ نفس الكمية من الماء الموضوع بزجاجات ذات أشكال مختلفة (ناتجا عنها أطوال مختلفة لعمود الماء داخلها، فمثلا زجاجة رفيعة ولكن طويلة وزجاجة ضخمة لكن قصيرة)، إن هذه التجربة مهمة وينبغي اختبارها؛ ولا أعرف إذا كان من الممكن قياس الفرق في سرعة السيلان (بديهيا أعتقد أن هذا ممكن)، ولكن ينبغي أن يكون للثقوب نفس الحجم (بالأسفل لمرور الماء وبالأعلى لمرور الهواء)؛ وهناك تجربة أخرى تتمثل في مقارنة سرعة التفريغ عند القيام "بإدارة" الماء الموجود داخل الزجاجة في أثناء تفريغها؛ فإننا بذلك نزيد من السرعة.
إذا كنت قد أصبت في فهم التجربة، فلقد تم عمل ثقب بقاع الزجاجة ثم سده بالأصبع وملء الزجاجة بالماء ثم وضع السدادة ورفع الأصبع واخيرا مراقبة سيلان الماء؛ فإذا كان هذا هو الحال، فإن كمية الهواء أعلى الماء تكون ضئيلة، وكلما سال الماء وكلما احتل "الفراغ" الحجم الموجود أعلاه؛ ويعد هذا صحيحا نتيجة لصغر حجم الثقب فلا يصاحب سيلان الماء دخول الهواء على صورة فقاقيع ؛ وكلما سال الماء كلما كبر حجم "الفراغ" وكلما "شفط" السائل وحجزه داخل الزجاجة؛ ويتوقف هذا الاحتجاز على قطر الثقب؛ فإذا كان الثقب واسعاً فلن يوازن احتجاز الفراغ للسائل وزن الماء الذي يساوي اسطوانه قطرها قطر الثقب وارتفاعها ارتفاع الماء في الزجاجة؛ أما فيما يتعلق بالضغط - فإذا كانت الزجاجة مفتوحة فسنحصل أعلى الثقب على ضغط الهواء (الضغط الجوي) وضغط "اسطوانة الماء" و"بالأسفل" ضغط الهواء، - وعندما تكون الزجاجة مغلقة فلا يكون هناك ضغطٌ (أو ضغطا بسيطا) أعلى اسطوانة الماء ولا يقابل الضغط الجوي سوى وزن هذه الاسطوانة؛ وهناك طريقة لتوضيح هذه الظاهرة وهو جعل التلاميذ يستخدمون شفاطات بلاستيكية أو أجسام الحقن البلاستيكية أيضا، فنوضح بسهولة قيامنا بشفط الماء وعدم سيلان هذا الماء؛ فإذا سحبنا المكبس إلى درجة تسمح بدخول الهواء داخل جسم الحقنة فسيسيل الماء.